الذراع الذهبية

تاريخ التعديل
5 سنوات 9 أشهر

قدّم مواطن أسترالي ما يعتبر آخر ما يستطيع من دمه في جلسة تبرع بالدم هي الأخيرة له بعد أن تبرع 1173 مرة سابقة، وساعد على إنقاذ أكثر من مليوني جنين، وهذا لم يحدث في تاريخ الطب من قبل.
والسبب وراء تبرع المواطن الأسترالي «جيمس هاريسون» والبالغ من العمر 81 عاما بهذا العدد الهائل من دمائه، هو أن دمه يتميز بأجسام مضادة استثنائية، استخدمها الأطباء لتصنيع دواء يحارب مرض الريسوس، وهذا المرض يحدث حينما تكون فصيلة دم الأم سالبة  Rh Negative وتكون فصيلة الجنين في رحمها  Rh Positive مع وجود أجسام مضادة في دمها، نشأت من حمل سابق مشابه، فتقوم هذه الأجسام المضادة بالعبور من خلال المشيمة إلى دم الجنين وتهاجم خلايا الدم الحمراء لديه وينتج عن ذلك تكسير الخلايا الحمراء عنده، وتتوقف النتيجة على شدة التفاعل متراوحة بين فقر الدم وأضرار للدماغ أو العين والأذن، وإذا كان التفاعل شديدا تؤدي إلى إجهاض الجنين، والوقاية من هذا الوضع يتم أثناء رعاية الأم الحامل بواسطة أطباء التوليد.
وأصبح هاريسون يعرف باسم «الرجل ذي الذراع الذهبية» بسبب التبرع الذي لم يسبق له مثيل، والذي أدخله موسوعة جينيس المعروفة للأرقام القياسية، وأيضا حصوله على ميدالية شرفية من الحكومة الأسترالية.
وبحسب ما نقلت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فقد قال هاريسون إنه فخور بالعدد الذي أنقذه من الأطفال بعد ما وصل إلى السن الذي لا يمكنه من التبرع مجددا وتابع مازحا «لقد زاد عدد السكان بضعة ملايين بسببي على ما اعتقد»، وقال إنه سيواصل التبرع بدمه اذا سمح له الأطباء بذلك، لكن اللوائح لا تسمح بالتبرع بالدم بعد سن الثمانين.
وتعود قصة دماء هاريسون المتميزة إلى خمسينيات القرن الماضي عندما كان عمره أربعة عشر عاما، حيث أجريت له عملية نقل رئة واحتاج هو إلى نقل دم ووقتها تم اكتشاف الأجسام المضادة الاستثنائية؛ لتبدأ بعدها قصته بالتبرع بالدم المتميز وأصبح من بعدها يتبرع بالدم مرتين كل شهر.
لقد أدى هاريسون خدمة إنسانية عظيمة لا شبيه لها وقدمها عن طيب نفس وبدون مقابل، ولقد طبق قاعدة هامة حث عليها دين رب العالمين: «..ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا»، (المائدة:٣٢).
ومعروف عنه أنه كان سببا في حياة الآلاف من الأطفال، ولعله يختم حياته بالنطق بالشهادتين حتى لا يضيع أجر هذا الخير الفياض سدى، وحتى ينطبق عليه قول المصطفي عليه الصلاة والسلام «لا يقبل إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان» (السيوطي: حسن) فيكون في هذا العمر المتقدم قد جمع بين القول والعمل. ولا نملك نحن له سوى الدعاء بالهداية وما ذلك على الله بعزيز.