السطو المشلِّح
دعيت إلى مناسبة علمية أقامتها إحدى الجامعات وكانت لي ورقة طبعت في أوراق المناسبة، وكان شريكي في الحلقة شخصية اعتبارية سبقني في الكلام، ففوجئت أنه يقرأ حروفي وكلماتي ثم همس في أذني عقبها أنه لم يعد شيئا للمناسبة لكثرة ارتباطاته، وقد أعجبته ورقتي فاستفاد منها!
فزاد في جلادته فلم يقتصر على السطو فجعل مشاركتي لا قيمة لها كونه ألقاها!
هذا غيض من فيض لحوادث وقفت عليها كان الاعتداء فيها على شخصي الضعيف ولا أستطيع أن أستطرد في ذكر أمثلة لهذا حتى لا أهدم صورا جميلة في أعين الناس
والسطو على الجهود العلمية من كتب وبحوث وأعمال إبداعية قديمة في تاريخها ومتجددة في وقائعها وقد تعرض لها القدماء بحثا ومناقشة.
فأعظم الغبن أن ترى الأفكار التي طالت بك الليالي لاستخراجها ثم نظم عقدها في صياغة عباراتها وفرحتك بالوصول إلى حقائق لم تسبق إليها، ثم تكون المفاجأة بسطو غيرك عليها بحروفها وكلماتها وادعاء سبقه إليها لا تسل عن شعور الغبن والأسى كأنك ترى مالك قد سرق منك وهو بيد غيرك يتمتع به ولا تستطيع أخذه، وهو جزء من معاناة كل باحث جاد يحمل هما وهدفا من وراء بحثه وهذا هو الفرق بين غاية السارق والمسروق منه.
ولست هنا في مقام البحث عن الأسباب والحلول وإبراز الشواهد لأن المدار عائد إلى الديانة قبل كل شيء ومن قواعد الدين حرمة الاعتداء على غيره أيا كانت صور السطو والاعتداء الذي سماه بعض أساتذتي الظرفاء بالسطو المشلح، من اسم الفاعل، ثم ذهاب المروءة بأن يتأكل بجهود غيره ويرتفع على حسابهم.
هذا السطو الذي ترى بداياته عندما تزور أي مكتبة تصوير فتناديك الإعلانات بالاستعداد لكتابة الرسائل والمشاريع والبحوث وحل الواجبات الالكترونية إضافة ضعف الباحث وعدم أهليته وضعف إعداده ليمر بأحوال ليس هنا مجال بسطها لأنها مبكية بدموع امتزجت بالدم لينتج لنا هذه النماذج التي ينطبق عليها قوله صلى الله عليه وسلم في المتشبع بما لم يعطه كلابس ثوبي زور والله المستعان.