تغيـر المناخ

تاريخ التعديل
سنتان 6 أشهر

بانتهاء العام الماضي (٢٠١٨) كانت الولايات المتحدة الأمريكية وحدها قد تعرّضت إلى أربعة عشر كارثة بيئية مثل الأعاصير وحرائق الغابات، وبلغت خسائر كل واحد من أقوى ثلاث منها، وهي إعصار مايكل وإعصار فلورنس وحرائق غابات الغرب الأمريكي، ٢٤ مليار دولارا.
وخلال نفس العام انتشرت حرائق الغابات بكثرة في كل من اليونان والبرتغال وعم الجفاف أستراليا وجنوب أفريقيا وطغت مياه الفيضانات على أراضي مقاطعة «كيرالا» الهندية.
ويتوقع علماء الأرصاد المناخية أن تكون السنوات الخمس القادمة من أحر الأعوام منذ أن بدأ تسجيل حرارة الجو في عام ١٨٨٠، ويتوقع أن تحدث فيها مناسبات مناخية قاسية، ومع هذا كله فإن الرئيس «دونالد ترمب» ينكر ما أصبح معلوما من موضوع البيئة بالضرورة بأن العالم يتعرض لتغيرات مناخية مصيرية ستؤدي، إن سارت على هذه الوتيرة، إلى اختفاء مظاهر الحياة من على وجه المعمورة.
في شهر ديسمبر الماضي اجتمع مندوبو ما يقرب من ٢٠٠ دولة لمدة أسبوعين في بولندا للنظر في الاتفاق على القواعد التي تحكم معاهدة المناخ بالعاصمة الفرنسية باريس التي توصلت إليها تلك الدول عام ٢٠١٥، واتفق الحضور على توجيهات عن كيفية الإبلاغ بشفافية عن انبعاثات الغاز المسبب للانحباس الحراري (غاز ثاني أكسيد الكربون) وجهودها في الإقلال منها.
وتتلخص مشكلة الانحباس الحراري في تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون في الأجواء المحيطة بالكرة الأرضية بعد زيادة الناتج منه بفعل الإنسان متمثلا أساسا في استخدام الوقود الحفري (الفحم والنفط والغاز) مقابل انخفاض آلية تنقية الجو منه بواسطة امتصاصه بأشجار الغابات ومساحات العشب.
ويتوقع لمعدل غاز ثاني أكسيد الكربون أن يصل لمستوى قياسي العام الحالي، وكلما تجمّع هذا الغاز في طبقة الجو المحيطة بالكرة الأرضية،  فإنه يعمل على منع تصريف الحرارة المصاحبة للنشاطات المختلفة على سطح كوكب الأرض (وتشبّه بطريقة ارتفاع الحرارة داخل الأرض الزراعية) وتبعا لذلك ترتفع حرارة الغلاف الجوي المحيط بالأرض، وفي اطراد ارتفاعها يتأثر الإنسان والحيوان والنبات والجماد وتتجه الحياة إلى الزوال من على سطح الأرض.   
ويقول «ستيفان راهمستورف» عالم المناخ بمعهد بوتسدام بألمانيا «إن ارتفاع حرارة الجو يتجه إلى الأعلى دون رحمة وهؤلاء الذين ينكرون هذه الحقيقة إنما ينكرون أساسيات علم الفيزياء».
وجاء في تقرير لمنظمة المناخ العالمية أن تأثير ارتفاع الحرارة يتولّد عنه زيادة في رتابة وشدة المناسبات الجوية العالمية الشديدة، وهذا ما حدا بمنظمة الأمم المتحدة أن تقول بأن العالم الآن في طريقه لارتفاع في حرارة أجوائه مقدارها ٣ درجات مئوية أو أكثر بحلول العام ٢١٠٠ عما كانت عليه قبل النهضة الصناعية.
وبناء عليه فإن مسؤولية الحكومات والشعوب كبيرة ومباشرة؛ ومن هنا نناشد بتوحيد الجهود ونحث على العمل الجاد الدؤوب من أجل منع ارتفاع حرارة أجواء هذا الكوكب بغية استمرار الحياة فوقه بإذن الله، مستمتعين وأجيالا بعدنا بنعم الله التي لا تعدّ ولا تحصى، ونحظى برضائه سبحانه وتعالى مصداقا لقوله لملائكته عند بدء الخليقة «إِنِّي أَعْلَمُ مَالاَ تَعْلَمُونَ» (البقرة:٣٠).