جوال

تاريخ التعديل
5 سنوات 7 أشهر

احتفاء باللغة العربية، وتقديرا للشعب السعودي
الذي ابتكر لفظة «جوال».. أُهدي هذا المقال

كنا نحن العرب ومازلنا أمة منفتحة على غيرها من الأمم، تأخذ ما يفيدها ويتفق مع فلسفتها وتراثها، وترفض ما لا يتفق معها.
ففي العصور الذهبية التي عاشها العرب، والتي وصلوا بها إلى قمة الحضارة وريادة العلوم، لم يترددوا في أخذ العلوم والمعارف عن غيرهم من الأمم، سعيا وراء التطور والنماء، كالرومان واليونان وغيرهم، بترجمة مصنفاتهم والإفادة مما قدّموه من معرفة في مختلف العلوم، إيمانا منهم بضرورة التواصل مع غيرهم من الأمم؛ لتبادل المعارف والاطلاع على كل ما يقدمه البشر.
واليوم ونحن في عصر تطورت فيه وسائل التقنية الحديثة التي ابتكر معظمها من قبل الشعوب الأعجمية كالغرب واليابان والصين وغيرهم، تجدنا نأخذها ونستوردها انطلاقا من أخذ ما يفيدنا من مختلف الأمم؛ لأنها تسهل لنا سبل الحياة، وتعيننا على الوصول إلى المعرفة بيسر، وتختصر المسافات، وتجعل من العالم البعيد قرية صغيرة. 
ومن تلك الوسائل، وسائل الاتصال كـالتلفزيون، والراديو، والستالايت، والإنترنت، والتلفون، والموبايل، وغيرها.
 ونجد أنفسنا نستخدم مسمياتها الأعجمية، كما هي وتقرها المجامع اللغوية؛ لأنها شاعت وانتشرت على ألسنة العامة، كما أقر مجمع اللغة العربية في القاهرة، استخدامها في فصيح الكلام، كـ «تلفزيون» و «تلفون»، وعدّها من الألفاظ الدخيلة التي استخدمها العرب.
وفي خضم هذا التوجه لاستخدام العرب للمسميات الأعجمية لهذه الوسائل التي وصلتنا من الأمم الأخرى، نجد بعض المسميات العربية لهذه الأجهزة، تشيع على ألسنة العامة في المجتمعات العربية، ومن ذلك «جوَّال» الاسم الذي أطلقه المواطنون في المملكة العربية السعودية على الهاتف الشخصي، الذي يحمله صاحبه حيث شاء.
وبما أن المجامع اللغوية تقرّ استخدام المسميات الأعجمية كـالتلفزيون والتلفون، وغيرها، فمن الأولى أن تقر المسميات العربية كـ «جوَّال؛ فهي صيغة صرفية على وزن فعَّال، تتفق والصيغ الصرفية العربية؛ بأنها جاءت على صيغة أوزان أسماء الآلة الصناعية التي شاعت في العصر الحديث مثل: طيَّارة، سيَّارة، دبَّابة، وغيرها، وهي صحيحة، مستخدمة في فصيح الكلام.
علاوة على ذلك فهذا المسمّى «جوَّال» يدل في معناه على كثرة التجوال، والتنقل؛ لأنه يجول مع صاحبه أينما ارتحل، وهو معنى يتفق والغاية التي صُنع من أجلها.
يؤيد ذلك ما وجدته في المعجم الوسيط في معنى كلمة «جوّالة» وهي فرقة رياضية تجوب البلاد سيرا، ولا يخفى معنى التجوال والحركة المتضمن في الدلالة على معناها.
كل ذلك يسوّغ لفظة «جوَّال» في المعاجم الحديثة؛ لتدل على هذا الجهاز، وتصبح لفظة دالة على الهاتف الشخصي، ابتكرها السعوديون؛ لتصبح شائعة في مختلف أقطار الوطن العربي، مستخدمة في فصيح الكلام، وفي حديث العامَّة. 
 وأعترف أنني لا أتأثر بأي لهجة عربية، ولا أحيد عن لهجتي مهما صادفت من لهجات، إلا في حالات نادرة، وأسعى دوما إلى استخدام بعض المفردات والمسميات الفصيحة في أحاديثي وحواراتي مع عامة الناس، غير أني عندما سمعت كلمة «جوَّال» لتدل على هذا الجهاز الصغير، تمسكت باستخدامها، أينما ارتحلت، ليس للمسوغات التي ذكرتها وحسب، وإنما لأنني ألمس خفَّتها وسهولتها، متوَّجة بجمال عروبتها.