حرب المصادر المجهولة
إذا كان مكان الحدث جزءا لا يتجزأ من صحة المعلومة، فإن المصدر هو الجزء الأصل في بناء المعلومة وصدقها أدبيا وأخلاقيا وقانونيا واحترافيا.
مؤخرا انتشرت في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض الفضائيات ظاهرة طغيان المصادر المجهولة، فهذا يسمى المصدر العليم والآخر الموثوق والأكيد والمقرب وغيرها من التسميات المختلفة، وهي تسميات أكل الدهر عليها وشرب.
ففي عصر المعلومة والصورة أضحى عدم تقديم المصدر المشخص نوعا من الكذب والتلفيق والتلاعب، فالكل يدعي الحقيقة وأنه على صواب ويوهمك ببعض الكلمات باستخدام أساليب تقنية متنوعة وصور مركبه أنه من قلب الحدث يحمل لك الأخبار اليقينية، قد نعذر البعض عدم ذكر المصدر حماية لصاحبه، ولكن نصف المعلومة وربعها يؤدي إليها كاملة من خلال البحث والتحليل والتحري والتقصي.
والغريب الذي يدعو للتساؤل هو النقل الحرفي لمصادر غربية وكأنها قرآن منزل لا يمكن التشكيك فيه، وناقل المعلومة ينسى أو يتجاهل أو يتعمد أن تلك المصادر، حتى وإن كانت بعضها صحيحا أو يقترب من الحقيقة، وأن تلك المصادر أو الجهات تشتغل وفق أجندة معينة، فتقديم المعلومة عن الأخرى والاهتمام بها دون غيرها يخضع لاعتبارات اقتصادية وتجارية بالدرجة الأولى قبل الحديث عن الإنسان كإنسان وغيرها من المصطلحات الفضفاضة التي تلاحقنا يوميا في فضاءات متعددة .
فبعض الصحف الدولية والمؤسسات الإعلامية؛ ومع أزمة الاقتصاد العالمي، وطغيان المعلومة الإلكترونية؛ أضحت صفحاتها الأولى للبيع لمن يدفع أكثر ينشر عن عدوه أكثر فأكثر، وحتى منصات الإعلام الجديد على اختلافها دخلت السوق، وأضحى نشر التغريدات والأخبار يخضع للمقابل، والضحية هو الجمهور المتلقي، حيث غابت المعلومة الصحيحة والدقيقة.
والشيء المؤسف حقا، ليس في نقل المعلومة عن تلك الجهات، بل أن البعض ينقلها ويتبناها ويصطف معها وبها وفيها ولأجلها، دون تمحيص لأهداف تلك الجهات وتوجهاتها وأغراضها من النشر والتوجيه والتركيز على حدث دون آخر، لذلك كنت دائما أقول حين تأتي السهام بغتة من صحف وقنوات ومنصات ولو وصفت بالكبيرة لا تفكر كثيرا، إبحث عن مصادر تمويلها الأخيرة تعرف عدوك بالضبط.