خطوات الغريب الأولى

تاريخ التعديل
5 سنوات 10 أشهر

بدأ عام جامعي جديد وخطا الطالب المستجد خطوته الأولى في رحاب الجامعة وهو طيلة اثنتي عشرة سنة ماضية قد تعود على برنامج منتظم محدود بحصص دراسية مجدولة تبدأ صباحا لتنتهي قبل الظهر ضمن نظام المدارس يعيش مع الكتاب المقرر وما يوجهه إليه معلموه لا مجال للتصرف إلا في هذا الإطار، يستشعر مراقبة والديه عليه والتواصل بين المدرسة والبيت عبر تقارير منتظمة مرتبط في كل مرحلة بزملاء رافقوه حقبة من عمره. 
وهنا تظهر صدمة اللقاء الأول في الجامعة فلا اصطفاف صباحي يوجهه إلى قاعته فيبدأ وحيدا حائرا بين فك رموز الجدول الالكتروني بداية من رقم القاعة الدراسية إلى رموز المقررات وساعاتها ويفاجأ بامتداد ساعات جدوله ودخول أصناف من الأساتذة يستعرضون المقررات ومراجعها يطلقون مصطلحات جديدة تطرق سمعه لأول مرة وربما صاحبها كلام مبالغ فيه من بعضهم عن أهمية مقرره وصعوبة الدراسة.
ويتضاعف شعور الغربة بأن من معه في القاعة يجتمع بهم لأول مرة فلا زميل قديم ولا صديق حبيب يبث إليه همومه ويشاركه اهتمامه.
وهنا تتوارد الخواطر فتهجم عليه فكرة الانسحاب أو التحويل إلى تخصص آخر مع أنه دخل مجاله باختياره ورغبته ويضيق صدره ويصطدم أحيانا بتعامل غير محبب له من بعض المسؤولين ويواجه أزمة الفراغ بين المحاضرات, فيسمع من سابقيه صورا سلبية مثبطة وقصص فشل المتسبب فيها أصحابها فتتضاعف همومه.
فإما أن يطرد هذه الصور المثبطة ويعلم أنها مرحلة لا بد من المرور بها ويواجه هذه الصعوبات موقنا بحقيقة الدراسة الجامعية وأنها مرحلة الاعتماد على النفس بعد الله حتى تستقر السفينة ليمضي بها في طريق التفوق من أول فصل دراسي.
وإما أن يهزم في أول جولة وينسحب من الجامعة وإما أن يبقى أسيرا لهذه الصعوبات فيسير سيرًا وئيدا لا يخلو فصل دراسي من تعثر أو تأجيل أو حذف، إذ بقي أسيرا لنظام المدارس يلتمس العون من فلان لا يخلو أسبوع من طرقه باب رؤساء الأقسام والعمادة يلتمس الملخصات ومذاكرة ليلة الامتحان, فيتأخر تخرجه بتقدير لا يؤهله لأدنى مجال يشغله.
ويزداد الأمر سوءا إن ركن لأصدقاء السوء فكان اجتماعه بهم غالبا على وجوده في هذه المرحلة لا سيما عندما يستشعر بالتحرر من مراقبة أهله و تذهب مسيرته الجامعية في التحويل بين الكليات والاقسام وهذا هو حال الغرباء بداية الفصل فلتنظر أيها الطالب الكريم من أي أصنافهم.