(خ: خيـرة)
بكت بحرقة أمام جهاز الكمبيوتر، وهي ترى رفض قبولها في تخصص الطب الذي كانت تحلم به، وبعدها تخرجت من تخصص اللغات والترجمة بمرتبة الشرف، وقد جعل تخصصها من اسمها علما في الدعوة والترجمة والتأليف وتنهال عليها عروض توظيفها في مؤسسات ودوائر مرموقة!
بكت بلوعة عند عدم ترشحها للوظيفة التي كانت تطمح لها، وبعدها تألقت في مجتمعها سيدة أعمال ناجحة ورائدة مشاريع مرموقة وقائدة فرق تطوعية فعالة، وقد فتحت لها ريادة الأعمال بابا لرزق أوسع وحياة أجمل وسؤدد أعلى ومكانة أرقى!
بكت بحسرة عندما وصلها خطاب نقلها من فرع عملها الذي كانت تحبه إلى آخر، وبعدها نالت جائزة التميز على مستوى المنطقة، وقد فجر فيها نقلها طاقات وإمكانيات جعلت منها قدوة في الامتياز والإنجاز؛ فزاد مرتبها وعلا شأنها وسر خاطرها!
بكت بشدة على ظروف أهلها التي لم تسمح لها بالابتعاث إلى أوروبا لإكمال دراستها ونيل شهادة من أقوى جامعات العالم واضطرارها لإكمال دراستها بوطنها، وبعدها أصبحت رائدة فريق بحثي متميز محليا وعالميا ومشاركة فعالة في أكبر المؤتمرات العلمية وبحوثها مرشحة لجوائز علمية عالمية!
بكت بغصة على قرار أهلها بعقد قرانها بينما هي تريد الاستقلال والسعادة وتراها في الوظيفة والشهادة، وبعدها أيقنت أنها أسعد إنسانة في بيت المودة والرحمة لأنها «خير متاع الدنيا» ولأن «تحت قدميها الجنة»!
كم من دموع على أماني وأحلام وأمور أردناها وسألناها ودعونا بها وألحينا عليها، لكن قدر الله لنا غير ذلك، لندرك بعد عهد أن ما اختاره لنا الرحمن كان خيرا لنا.
يقول ابن القيم «لو علم العبد كيف يدبر الله له أموره لعلم يقينا أن الله أرحم به من أمه وأبيه! ولذاب قلبه محبةً لله. ولو كشف الله للعبد الغيب ما اختار إلا الواقع».
فلندرك ذلك ولا نستعجل أو نضجر ونيأس؛ ولنفوض أمورنا لله بيقين بأن خيرة الله لنا خير من خيرتنا لأنفسنا، فقد نحب شيئا وهو شر لنا، وقد نكره شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.