ضريبة صحية؟!
بدأت عدة دول أوروبية في بحث ومناقشة فرض ضريبة إضافية على اللحوم. وهذه الدول هي ألمانيا والدنمارك والسويد. ويتوقع المراقبون أن تعمّ هذه الضريبة كافة دول العالم بعد خمس إلى عشر سنوات، خاصة وأن دولة مثل الصين قد حققت انخفاضا في استهلاك اللحوم بمقدار ٤٥٪ في عام ٢٠١٦.
تفرض الحكومات الضرائب العامة؛ لتساعدها في الصرف على تسيير الأمور والخدمات المقدمة للشعوب، مثل التعليم والصحة والدفاع وشبكات الطرق، وهناك الضرائب الخاصة على سلع ومواد بعينها، ويكون الغرض منها الحدّ من استهلاكها، والتقليل من أضرارها.
والأخيرة اكتسبت مصطلح «ضرائب الشر»، حيث إن في استخدامها نتائج سلبية على الناس والبيئة. وهذه المواد تشمل الدخان والسكر والمواد المتسببة في الانبعاث الحراري.
الدخان بما له من تأثير قاتل على الأفراد وعلى تكاليف علاج الأمراض الناتجة عن استعماله، والسكر وعلاقته بالسمنة ومضاعفاتها، والمواد المتسببة في زيادة الانبعاث الحراري في جو الكرة الأرضية، كالفحم والديزل والبنزين، مما يهدد حياة الإنسان بالاستمرار على سطح الأرض كنتيجة حتمية لارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي وذوبان الثلوج من على قطبي الأرض وظاهرة التصحر.
والآن بدأ ينضوي تحت قائمة المواد الشريرة، الإكثار من استهلاك اللحوم في الطعام، فما هي الأسباب التي جعلت أفضل ما يشتهيه الناس مادة مغضوب عليها؟
السبب يعود إلى عوامل خاصة بالثروة الحيوانية وأخرى متصلة بالإنسان، فما يتصل بالحيوانات (وأهمها الأبقار والأغنام والدواجن) فإنه يرجع إلى كمية الغازات المنبعثة منها، وتحديداً غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن عملية التنفس وغاز الميثان المنبعث من الأمعاء.
ويقدر تقرير «البنك الدولي»أن هذه الغازات تسهم في الانحباس الحراري حول الكرة الأرضية. ويضاف إلى ذلك انتشار الأوبئة من آن لآخر مثل أنفلونزا الخنازير والطيور، وعامل تلوث المياه ومقاومة الجراثيم الناشئة عن استخدام المضادات الحيوية في هذه الحيوانات.
أما ما يرتبط بالإنسان فله علاقة بالإسراف في أكل اللحوم (واللحم الأحمر بالذات) وعلاقته بأمراض القلب والسرطان.
وكانت أول دراسة أجريت على مستوى العالم عام ٢٠١٦م قد بينت أن تحصيل ضريبة بمقدار ٤٠٪ على قيمة لحم البقر و ٢٠٪ على منتجات الألبان و ٨,٥٪ على الدجاج، ينتج عنه إنقاذ حياة نصف مليون إنسان في السنة، ويخفض الانبعاث الحراري البيئي. واقترح في الدنمارك فرض ضريبة بحوالي ٣ دولارات أمريكية على كل كيلو لحم.
ويجري في الوقت الحالي إنشاء صناعات بديلة واعدة لإحلال اللحوم بأنواع من بروتينات النبات لها نفس المظهر والطعم كلحوم الحيوانات («بيل جيتس» مؤسس ميكروسوفت من أكبر المستثمرين فيها) لعلها تحظى بقبول براعم الذوق لدى آكلي اللحم الأحمر.
تبقى نقطة مهمة سبق وأكدنا عليها، ألا وهي الاعتدال في المأكل والمشرب، التي هي من توجيهات وإرشادات ديننا الحنيف، حينما يخاطب الله سبحانه وتعالى نبي البشر: «يَا بني آدمَ خُذوا زينتَكُم عند كلّ مسجدٍ، وكُلُوا واشربُوا وَلا تُسْرِفوا، إنه لا يُحبُّ المُسْرفين» (الأعراف:٣١).