عندما تكون الأمومة سلعة
كثيرا ما تمر علينا مصطلحات لا نقف عندها ونتعمق في مدلولها باعتبارها ناتج يخص مجتمعات أخرى ولا علاقة لنا بها، إلا أنه في حقيقة الأمر يمكن أن تكون مصطلحات وممارسات ذات ارتباط بمكونات الانسانية التي لا تخص مجتمع دون آخر، هكذا كان الأمر مع اصطلاح «متلازمة مانشهاوزن بالوكالة» Munchausen by Proxy التي ظهرت منذ سبعينيات القرن الماضي إلا أنها كغيرها من المصطلحات في قاموس الحالات الصحية مجهولة لدينا.
وتنص على ضرورة قيام الوصي، سواء كان وصي على طفل أو شخص ضعيف بتزييف وادعاء إصابته بالمرض، أو ممارسة الإيذاء الجسدي والنفسي عليه للحصول على مساعدات مادية ومعنوية، ومن المفارقات الغريبة والتناقض البين فيها أن معظم المصابين بالمتلازمة امهات، ولا يتم التعامل معهن قضائيا كمرضى أو ذوات علة نفسية ففي الولايات المتحدة الامريكية على سبيل المثال توجد كثير من القصص المحزنة لضحايا تلك المتلازمة تنتهي محاكماتهم بالإدانة والسجن لفترات طويلة أو المؤبد.
قد يبدو هذا ضرب من الخيال لأم طبيعية ينفطر قلبها، فقط لجرح طفلها أثناء لعبة، مقابل أخرى جعلت طفلها رهينة لادعاءات ذاك المصطلح الذي صنع نيل مكاسب مادية ثمنها سلسلة من الفحوصات والتحاليل تجرى عليه ثم يتم حبسه بالمستشفى لتنعم هي بالمقابل المادي والمعنوي.
ومن بين تلك القصص المبكية التي انتشرت في أوساط العامة قصة تلك الأم التي ظلت تزود طفلها بالأنسولين حتى ادخل العناية ، ولأنه طفل برئ فقد قدر الله أن يكتشف الطاقم الطبي الأمر، وكان مبررها المذهل، ابقاء زوجها بجانبها بعد خلافات نشبت بينهم.
ويحدث ذلك عندما تغيب المعاني وتتشوه الدلالات .فإنجاب الأطفال تحت أي ظرف لا يعني، فقط، أن يكون أمرا حتمياً وتسلسلا طبيعي لمراحل الحياة، بل هو أمر يحتاج «قرار».
نعم قرار يتخذه طرفان بكامل وعيهما واستعدادهما النفسي والمادي لرعايته والاهتمام به، فضلا عن ادراكهما الكامل لمعنى المسؤولية وأن هذا الطفل مشروع حياة كاملة وممتدة وليس فدية لتشوهاتهما النفسية والعاطفية ومطامعهما في الحياة، وإلا فإي خلل يعني إنسان معتل ومنتج سيّء وبالتالي مجتمع مأزوم.