قلوبنا إليكم ترحل كل يوم
نشأت في بيئة عسكرية. فقد كان والدي رحمه الله ضابطا في القوات البرية وعرفت مع هذه النشأة، كيف تكون حياة العسكري الذي يفتخر بعمله؛ فعندما كنت أشاهد والدي بحماسه ودقته وصبره وحبه لعمله، كنت أشعر بحجم الفخر الذي يشعر به كافة أبناء أبطال الحد الجنوبي من العسكريين في مختلف القطاعات؛ لأنهم عاشوا مع آبائهم قيمة التضحية التي يقدمونها لهذا الوطن دفاعا عن مقدساته ومقدراته. عاشوا صبرهم على تحمل الصعاب التي يمرون بها، عاشوا الحماس الذي يزيدهم طاقة وشجاعة، عاشوا حب آبائهم لمهمتهم العسكرية التي لم تزدهم غير فخر وشجاعة. وعندما انطلقت «عاصفة الحزم» لم نشك لحظة في هؤلاء الرجال المخلصين لدينهم ووطنهم ولمليكهم، بل كنا أكثر يقينا بأنهم سيكونون سدا منيعا ضد كل أعداء الوطن.
لم نر منهم تراجعا، أو توليا ساعة الزحف؛ بل هم مقبلون غير مدبرين وهو ما شهد به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز، رحمه الله، عندما قال «أقسم بالله أنني لم أر في يوم من الأيام واحدا منهم أصيب في ظهره، فقد كانت إصاباتهم دائما في الوجه أو الصدر؛ لأنهم يقدمون ولا يهربون»؛ لأنهم يؤمنون بأن ما يقومون به ويقدمونه من تضحيات دفاعا عن أمن كل مواطن يعيش على أرض الحرمين الشريفين؛ هو من الدروس التي تعلموها في ثكناتهم العسكرية فهم يقدمون أرواحهم؛ لننعم بالأمن والأمان، يقدمون أروحهم ليبقى الوطن ملاذا للجميع، يقدمون أرواحهم ليثبتوا لكل من يريد بهذا الوطن سوءا، بأن له رجالا. «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ».