هل يغني الإنترنت عن الكتاب الورقي؟
في ظل التطور المتسارع في مجال تكنولوجيا المعلومات التي أثرت على معظم مجريات الحياة وغيرت كثيرا من اتجاهاتها، تجاهل البعض الكتاب واتجه إلى الإنترنت باعتباره وسيلة تختصر المسافات والأزمنة، وتوفر كل ما يحتاجه المرء. من هنا برزت المعادلة الصعبة بين الإنترنت وما يتضمنه من المعلومات والكتب الإلكترونية وبين الكتاب الورقي.
كل ذلك دفع البعض إلى الحديث حول إمكانية الاستغناء عن الكتاب الورقي؛ بسبب توفر المعرفة الإلكترونية حاضرا ومستقبلا، ويروج البعض بأن العالم بعد عدة سنوات لن يكون فيه مكان للكتاب المقروء. واستقرت هذه الفكرة، لا إراديا، في وجدان الكثيرين منا وتركنا الكتب واعتمدنا على الإنترنت في تكوين ثقافتنا والحصول على المعرفة!
ولكني أرى أن هذا الطرح يفتقد للموضوعية؛ لأن هناك الكثير من الأسباب التي ترجح كفة الكتاب الورقي على الكتاب الإلكتروني وتحفظ له ريادته كمصدر رئيس للمعرفة.
«أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الأنام كتاب»
السبب الأول هو أن الكتاب الورقي لا يزال هو الأكثر مصداقية، فعندما تبحث عن موضوع معين على شبكة الإنترنت ربما تجد آلاف أو ملايين المعلومات المتعلقة بما تبحث عنه؛ ولكن يصعب الحصول على معلومات موثوقة، ويرجع ذلك إلى سهولة نشر المعلومة على الأنترنت.
فمن الممكن لأي شخص في العالم أن ينشر ما يشاء. أما الكتاب فله مؤلف معروف وناشر معروف ويبذل فيه مؤلفه جهدا كبيرا؛ لذلك فصدق المعلومة أكبر بكثير مقارنة بالأنترنت.
ثاني هذه الأسباب أن الكتاب يفتح آفاقا جديدة على العكس من شبكة المعلومات التي تتيح لك معلومات كثيرة؛ لكن معظمها يكون مرتبطا بكلمة البحث فقط.
فعلى سبيل المثال إذا تعرفت على ثقافة أمريكا اللاتينية من خلال الأنترنت ستعرف اللغات التي يتحدثون بها وعاداتهم وأديانهم وما إلى ذلك، ولكن إذا قرأت رواية لأحد أعمدة الأدب اللاتيني مثل جابريل جارسيا ماركيز؛ ستعرف أدق التفاصيل في حياة اللاتينيين و ستشعر كأنك تعيش معهم، وذلك من خلال الأحداث والحوارات في الرواية.
لذلك يجب علينا الاهتمام بالقراءة والمطالعة والاستفادة من الكتب الإلكترونية ومصادر المعرفة الالكترونية الموثوقة مع التركيز على الكتاب الورقي الذي يعتبر المصدر الرئيس للمعرفة، وألا نتردد في شراء الكتاب الورقي وقراءته حتى إذا كان في مجال مختلف عن تخصصنا، ولأن القراءة في حد ذاتها توسيع للمدارك وتنشيط للعقل.
+++++