يوم أن كنت صغيرا..
يوم أن كنت صغيرا، كنت ألهو، كنت أجري، كنت ألعب، كنت أتعب، غير أني كنت مرتاحا بعقلي، لم أكن أحمل هما، لم أكن أشغل تفكيري بأمر غير لعبي، لم أكن أعرف للراحة طعم، غير أني كنت ألعب، كنت أجري، كنت أبكي، لم أكن أدري ولكن كنت أبكي، كنت أضحك دون أسباب ولكن كنت أضحك، ربما أكسر بيضة، ربما أكسر غصنا، أو زجاجا، أو مصابيح الظلام، ربما أرجم بيتا دون أن أعلم ولكني رجمت وهربت، كنت ألعب، لم أكن اهتم بالمنطق، ولا يهتم بي، كنت أقفز مثل عصفور صغير، لست أدري، غير أنّي كنت أقفز، كنت أجري، لم يكن لعبي له منطق، ولا المنطق يعنيني، غير أني لم أكن أحمل في قلبي ضغينةً، لا ولا أحمل أحقادا لمخلوق على وجه البسيطة، لم أكن أحمل في قلبي هموما ولا أشغل تفكيري بباكر، لم أكن أظلم ولا أتعمد الظلم، ولا الظلم له عندي طريق، لم أكن أعرف حلا، أو حراما، أو وجوبا، أو جوازا، أو مباحا، لم أكن أدري بأن الواجب العيني عين، وأن الفرض فرض، وأن العيب عيب، كنت ألهو، ليس إلا، يوم أن كنت صغيرا.
وكبرنا، وعرفنا يوم أن شبنا بأن الحق حق، والحرام، والحلال والمباح، والجواز، لم أعد أهتم إلا باللجاج لم أعد أسرق بيضة، أو رغيفا، أو ريال، بل سرقت العشة بما فيها الدجاج، لم أعد أكسر عودا، أو زجاجا، أو إناء دون قصد أو براءة، بل كسرت الحق والصدق وحالفت الجراءة، لم أعد ذاك البريء، ليتني كنت صغيرا، أو لقيت لله يوم أن كنت صغيرا.