أيديولوجية العصر الجديدة

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
6 سنوات 8 أشهر

من المؤسف جدا أن نعيش عصر الاتصال وننعم بمزاياه التي ألغت الحدود الجغرافية واختصرت الزمن والمسافات , وفي نفس الوقت أن نفقد التنوع في ذواتنا واختلافنا في الرؤى والأحلام.

لقد احتدمت النقاشات والصراعات الفكرية والايديولوجية عبر وسائل الاتصال المختلفة الى درجة أن الانسان المعاصر أصبح ضائعا في متاهاتها؛ و لا يمكن له التفكير خارج نطاقها ولا يستطيع من جراء سيطرتها عليه تحديد اتجاهاته وآرائه ومواقفه إزاء الأحداث والقضايا التي يشهدها عالمنا بمختلف تجلياته الكثيرة والمعقدة.

لقد هيمنت النزعة الاتصالية على يوميات الشعوب والمجتمعات الراهنة فصارت أكثر تشابها وتشابكا وتفاعلا وفي نفس الوقت أيضا أكثر تعارضا وتصارعا.

والسؤال الذي يمكن أن يطرح نفسه في هذا السياق هو: إلى أين تتجه المجتمعات في ظل هذا الاتصال الجديد؟ الأكيد أن المبالغة في الاتصال قد تؤدي الى الاتصال مثلما يقول المفكر الفرنسي الشهير «دانيالبونيو» في كتابه «الاتصال ضد الإعلام» مؤكدا أن العالم الحديث قد دخل فعلا مرحلة استبداد الاتصال بتحوله لأيديولوجية العصر الجديدة, فقد بدأت آثارها تظهر للعيان من خلال التراجع المتسارع لثقافة الحوار بين الشعوب والجماعات, فازدادت حدة التوتر والخلاف في كل مكان وانتشر العنف والكره والنزاعات حتى ضاقت بالناس الارض بما رحبت.

ولإرجاع مكانة الحوار في مجتمعاتنا يجب أن نتصل بهدف الحوار ولا نتصل لغرض الاتصال فقط الذي تضيع في بوتقته قيمته الحقيقية والأساسية ,فالتحاور  يمثل جوهر الاتصال, فيجب أن تسخر وسائله لتحقيقه للوصول الى بناء الانسان وفق السلم والعيش المشترك.