إشراقات

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
سنتان شهران

إن الأخذ بزمام المبادرة في مختلف الأمور الحياتية للإنسان يعتبر في حد ذاته  إشراقات إبداعية لها تأثيرها الكبير والفعال في عملية التغيير الإيجابي في المجتمعات والتي من شأنها أيضا أن تفتح فيها آفاقا تنويرية شاسعة تبرز من خلالها إضاءات تدفع الى التطور والنَماء في شتَّى ميادين الحياة على وجه الأرض..
إن المبادرة في جوهرها عملية إنسانية فريدة من نوعها تدفعنا دائما الى أن نتسابق إلى تحقيق الإنجازات دون انتظار تقدُّم الآخرين إليها، وأن تكون خُطانا مدروسة ومتَّسمة بجُرأة وضبط دقيقين حتى لا نقع في شباك الخوف والتهور اللَّذان يُعتبران السَّببان الرَّئيسيان في الإخفاق، كما نحن أيضا بحاجة إلى شجاعة وتأمل عميق مع المعرفة التَّامة لحدود الإمكانات والمواهب المتوفِّرة لدينا والعمل بموجبها مع العلم بأنَّ المشكلة ليست في أن نخطئ وإنَّما في أن لا نعمل وأن لا نُبادر، فَمَن يَعمل ويُبادر فإنه حتما سوف يخطئ ولكن خطأه يكون ضمن سلسلة من الإخفاقات والنَّجاحات، فالمحاولةُ والتِّكرارُ هما السبيلان للنجاح والتَّميز.
فعنصر المبادرة ليس وراثيا يميز شخصية الفرد كما يعتقد البعض, وإنَّما هو مكتسب يستطيع أيُّ شخص أن يمتلكه مثلما يبيِّن خبير الإدارة والتنمية البشرية الأمريكي الشهير (ستيفن كوفي) في كتابه الرائع الذي صدر في عام 1989م ويحمل عنوان "العادات السَّبع للأشخاص الأكثر فعالية" و تَحدَّث فيه عن اكتساب الشخص لعادة الأخذ بزمام المبادرة في مختلف المواقف التي تصادفه في حياته اليومية , كما أكد فيه بشكل تفصيلي على دورها في نجاحه وتوازنه النفسي والاجتماعي فكان لهذا الكتاب اثر بارز  في نشر ثقافة المبادرة في المجتمع الأمريكي. 
ونظرا لأهميَّة هذا الكتاب في الحقل المعرفي والمهني وخاصة في التَّعرف على أساليب اكتساب وتنمية سلوك المبادرة لدى الأشخاص فقد ترجم الى عدة لغات عالمية وعرف مبيعات كبيرة وانتشارا واسعا في مختلف دول العالم, وبالرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود من الزَّمان على إصدار طبعته الأولى ، إلَّا أنَّ العديد من خبراء التطوير الذاتي حول العالم يرون أن الأفكار التي يتضمنها هذا الكتاب تتميز بفعالية كبيرة في تنمية سلوك المبادرة وتطوير المهارات الذاتية لدى الأفراد في مختلف المجتمعات الحداثية في العصر الراهن.
إنَّنا نحتاج في مجتمعاتنا الآن وأكثر من أيِّ وقت مضى إلى نشر ثقافة المبادرة بشكل مكثَّف لدى شبابنا من خلال التسويق لها عبر مختلف وسائل الإعلام المختلفة ومن خلال التربية الأسرية وعبر مختلف البرامج التعليمية والتدريبية في المدارس والجامعات لجعلها منطلقا محوريا في عملية التنشئة الاجتماعية وترسيخ القيم الحضارية التي تنمي روح الابداع والتميز لدى الجماهير وتبني بشكل حقيقي إنسان الحاضر والمستقبل .