المبادرة
لقد أثار إعجابي الكبير كتاب قرأته لخبير الإدارة والتنمية البشرية الأميركي الشهير "ستيفن كوفي" الذي يحمل عنوان "العادات السَّبع للأشخاص الأكثر فعالية" والذي أصدره في عام 1989م نظرا للأفكار الرائعة التي قدمها هذا المفكر عن ثقافة المبادرة ودورها في نجاح مختلف المؤسسات الأميركية بمختلف أنواعها ومدى إسهامها في تطور وتميز المجتمع الأميركي.
ونظرا لأهمية هذا الكتاب، فقد حقق مبيعات كبيرة في العديد من الدول، وبخاصة في اليابان , وعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة عقود من الزَّمن على إصدار طبعته الأولى، فإن العديد من خبراء التطوير الذاتي مازالوا يعتمدون عليه في وضع قواعد البرامج المتخصصة في مجال تنمية المهارات الذاتية.
إن ثقافة المبادرة قد أصبحت ضرورة في زماننا المعاصر نظرا للتحولات المتسارعة والمذهلة التي تشهدها مجتمعاتنا ومن خلالها نتمكن من التكيف ومواكبة سرعة التغيير المصاحبة لعمليات التطور الكبيرة والمتدفقة التي يشهدها عالمنا الحديث.
وثقافة المبادرة في جوهرها هو أن نتسابق إلى الأمور بتميز وإبداع دون انتظار تقدم الآخرين إليها، وأن تكون خُطانا مدروسة ومتَّسمة بجُرأة وضبط دقيقين مع العلم بأن المشكلة ليست في أن نخطئ وإنما في أن لا نُبادر، فَمَن يَعمل ويُبادر فإنه حتما سوف يخطئ ولكن خطأه يكون ضمن سلسلة من الإصابات والنَّجاحات، فالمحاولةُ والتِّكرارُ هما السبيلان للنجاح والتَّميز.
إنَّنا نحتاج في مجتمعاتنا الآن وأكثر من أيِّ وقت مضى إلى نشر هذه الثقافة في جنباتها وبخاصة لدى شبابنا من خلال ترويجها عبر مختلف وسائل الإعلام وعبر التربية الأسرية والتنشئة الاجتماعية وعبر البرامج التعليمية والتدريبية في المدارس والجامعات ليَستغلوا الفرص ويبادروا إلى حمل لواء العمل والاجتهاد بأنفسهم غير منتظرين أن يَسلك هذا الطريق مَن سِواهم مِن أمم أخرى لرفع التَّحدي في كل المجالات.