المعرفة وسلطة المعلومات

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
9 أشهر أقل من أسبوع

يشير المفكر الاتصالي الفرنسي ( (Patrice flishy  في كتابه الذي يحمل عنوان "الأساليب الجديدة للاتصال"  أن صناعة المعلومات عبر الطرق السريعة للاتصال تشكل حوالي ثلث النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة, وأن التنمية المستدامة فيها أصبحت لا تعتمد على الموارد الطبيعية والمادية بل على المعرفة والتقنية والخبرات المختلفة في شتى المجالات الحيوية ، فقطاع المعلومات ومهارات انتاجها يشهد تطورا كبيرا في الاقتصاد الدولي الحديث بحيث بلغت قيمة السوق العالمية لمنتجات تقنيات المعلومات حسب بعض الدراسات الاقتصادية 600 بليون دولار سنويا.


لقد غيرت المعلومات وتأثيراتها الكبيرة على التطور المدني والحضاري للإنسان على وجه الأرض , في المفاهيم المعرفية القديمة للمادة وخاصة ما تعلق بسرعتها في الزمن الماضي والحاضر والمستقبل , الأمر الذي أكده المفكر الامريكي "الفين توفلر" في كتابه السلطات الجديدة  عبر مقولته  "أنه من يمتلك المعلومة يمتلك السلطة والقوة". 

إن صناعة المعلومات تبني اقتصاد المعرفة, وهذا المفهوم استخدم لأول مرة في عام 1969م من قِبَل عالم الاقتصاد الأمريكي "بيتر دروكر" Peter Drucker" في كتابه الذي يحمل عنوان " عصر الانقطاعات" "The age Of Discontinuities" الذى يشير فيه إلى أن اقتصاد المعرفة ""Knowledge Economy يرتكز أساسا على البحث العلمي في مختلف المجالات الفكرية وخاصة التطبيقية منها وأنه شرط ضروري لإنتاج  المعرفة في المجتمعات من خلال بناء منظومة القيم المادية واللامادية بداخلها والتي لا يمكن أن تتحقق الَّا من خلال العمل على تشجيع الإبداع وتنمية مهارات الابتكار في أوساطها.

ثم إن المعلومات بطبيعتها التي تتميز بالاختلاف والتنوع تجعلها لا تكون معرفة بذاتها وإنما  تحتاج دائما إلى عقل نقدى وواعي يفحصها ويتمعن في دلالاتها ليميز بين الزائف منها والصحيح، ويستطيع أيضا أن يفاضل بين الآراء المختلفة حولها ليفرز الذاتي والموضوعي منها .

وبالتالي فمن الضروري الاهتمام بصناعة المعلومات في مجتمعاتنا وجعلها منطلقا أساسيا لإنتاج المعرفة عبر الربط الاستنتاجي والدلالي بين مختلف المعلومات في إطارها الكلي والجزئي وتداولها في الفضاء الاتصالي العمومي ""Public sphere  الذي يعتبره المفكر الاجتماعي الألماني "يورغن هابرماس" Jürgen Habermas " أساس الانتقال الى اقتصاد المعرفة.