من ثقافة الأشرطة إلى الإنترنت
في فترة سابقة من حياتنا، غزتنا ثقافة أشرطة الكاسيت، وأصبح البعض يتكلم ويأخذ دوره في مجالسنا بالحديث عن مختلف الأمور الاجتماعية والدينية والصحية بشيء من الثقة، فينبهر من حوله بمقدار ثقافته، فيؤثر بالمحيطين به والمتلقين له.
والمؤسف أن مصدر ثقافته من خلال ما يسمعه في أشرطة يستطيع الحصول عليها بسعر لا يتجاوز العشرة ريالات.
وفي زمننا الحالي، أصبح مصدر ثقافتنا، وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أشكالها عبر شبكة الإنترنت، فأصبح الكثير يثقف نفسه عن طريقها، ويتلقى كافة معلوماته من خلالها بكل يسر، فبلمسة زر فقط، يستطيع أن يثقف نفسه بما يريد، ويلم بقدر أكبر من المعلومات والخبرات التي تساعده ليتسيد بها المجالس، ويكون ملهما للكثير من الأشخاص.
اكتساب الثقافة من خلال هاتين الوسيلتين ليس عيبا أو نقصا، ولكن أرى أن الثقافة هنا ناقصة، وقد يقول قائل إنه يمكن الاستفادة من عدة وسائل لجعل الإنسان مثقفا، ولكن ما نوع هذه الثقافة التي استقاها من مصادر مختلفة غير الكتاب!
فمن الممكن أن يثري الإنسان نفسه ثقافيا، ويتعلم أشياء وأشياء، ولكن هذه المعرفة لا يمكن أن تكون راسخة، كثقافة الكتاب الذي تلمسه بيديك، وتقرأ فيه بكل حرص ودقة، فهو الصديق الصدوق الذي يكسبك المعارف في مختلف مجالات الحياة.
ومهما بلغت الثقافة لدى الإنسان، فلن تولد لديه الفكر الذي يجب أن يصاحب المثقف، ولن تعطيه المعلومة بشكل كاف؛ لأن القراءة في كتاب، تعد المصدر الأساسي للثقافة الراسخة الحقيقية، وتساعد الإنسان على تطوير قدرته الذهنية والتحليلية، والتأمل والتركيز، وتمده بذاكرة جيدة تساعده على استرجاع المعلومة، واستيعابها وتحليلها؛ لذلك يجب على المجتمع الاتجاه لمصادر الثقافة الأساسية وهي الكتاب ولا غيره.