هل يخشون حجارة منتقديهم؟
في مقال الدكتور الجميل عمر أبو سعدة في هذا العدد، لفت نظري تساؤل المؤرخ البريطاني «أرنولد توينبي» حول لماذا النخب المسيطرة والمسؤولة لا تقبل النقد؟، وهو ما نلمسه فعليا من هذه النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية والإعلامية.
لا تقبل النقد وتجدها تدخل في متاهات وصراعات دائمة مع بعضها البعض، أو مع غيرها وهو ما يجعلها في حالة دفاع دائم عن كل نقد يصلها إيجابياً كان أم سلبيا.
وتخصص الجزء الأكبر من وقتها للرد على منتقديها، فتصفهم بالجاهلين، ومحاولتهم شن حروب خفية على الناجحين؛ فينسى بعضهم أنه تحت النقد المباشر باعتباره هدفا بارزا ومشهورا، فيفقد تركيزه؛ مما يؤدي لضعف منتجه، متناسيا بأن النقد سوف يقوده للنجاح مهما كان نوع هذا النقد، إذا لم يتعدّ حدود النقد، وعليه أن يتخذ من هذا النقد طريقا لتحسين ما يقوم به؛ لأن النقد حق للجميع إذا كان ملتزما بحدود الأدب وعدم التطرق لمسائل شخصية.
لماذا تخشى النخب في مجتمعاتنا النقد؟ فهل بنوا إمبراطورياتهم التي عرفوا من خلالها من زجاج؛ فيخشون من حجارة منتقديهم.
إن هذا الخوف غير المبرر هو ما يجعل المجتمعات تتأثر كثيراً؛ لأن هذه النخب تحاول أن تتحاشى ما قد يعرضها للنقد، فلا يقدمون ما يرضى عنه أفراد المجتمع، ويعتقدون بأن ما يقدمونه هو الكمال في كل شيء.
النقد أساس لإنجاح أي عمل؛ لذلك يجب على النخب الاهتمام بالنقد وتعلم الطرق السليمة للتعامل معه والسعي لتطوير ما يقدمونه من أعمال على كافة الأصعدة في المجتمع وعدم خوفهم منه.
فهذا النقد الذي يوجه لهم قد يقودهم لنجاح كبير يساعدهم في حياتهم المهنية. وليعلموا أن عدم تقبلهم للنقد هو ما أوجد لدينا جيلا ضعيفا في كل ما يقدمه من عمل، وأصبح الكل مشهوراً وهو ما يجعل هذه النخب فارغة المحتوى.