التأمل والاستمرار
حين أفكر في الإبداع؛ فإن أول مصطلح يقفز إلى مخيلتي هو مصطلح التفكير خارج الصندوق؛ فأجده وصفا بليغا، فمن الطبيعي أن يكون الصندوق مظلما أو قاتما، وأن الأفكار المختلفة لابد أن تخرج من هذا الإطار بشكل أو بآخر؛ لترى النور وتضيء هي بدورها، وهو ما يعرف علميا: بأنه التفكير الإبداعي الخلاق الذي لا يلتزم بقيود ومحددات تؤثر في التفكير.
فأول ما ذكر هذا المصطلح ضمن مكتبة الاستشارات الإدارية في نهاية ستينيات القرن الماضي، وهو أن يتجلى الشخص من التفكير في مشكلة يعيشها إلى أن يفكر في حلها من الخارج، دون أن يتأثر بمعايشته لهذه المشكلة التي قد تقوده إلي حلول مؤقتة أو غير فاعلة، وفي هذا السياق كثيرة هي القصص التي نجحت وبرعت في حل المشكلات بطريقة التفكير الخلاق «التفكير خارج الصندوق».
فاختراع صاروخ «السايدويندر» الذي يحاكي الأفعى التي لا ترى فريستها، لكن تتبعها بالحرارة، وفي عالم الحداثة والتكنولوجيا الذي نعيشه نجد الكثير من الأفكار الإبداعية التي جسدت هذا التفكير والتي بدأت كأفكار بسيطة ثم تطورت؛ لأنها اتخذت أسلوب التفكير الإبداعي.
فمثلا كم أصبح من السهل أن تطلب سيارة تاكسي لتوصلك إلى أي مكان تريده، هذه الفكرة خطرت لترافيكس كالانيك عام ٢٠٠٨ أثناء انتظاره لسيارة التاكسي؛ لينشر بعدها تغريدة على موقع تويتر، ذكر فيها أنه يحتاج إلى أفكار لينطلق في خطته، لتنجح هذه الفكرة وتخرج لنا بتطبيق «أوبر» تاكسي على الهاتف الجوال.
وهنا نقول الإبداع أفق واسع وحتى ندخله لابد أن نتقن مهارتين هما: التأمل والاستمرار، فبالتأمل نستطيع أن نخرج من نطاق الواقع إلى أفق نستطيع فيه أن ننطلق للتفكير الخلاق، وبالاستمرار والمواظبة نستطيع أن نوجد الكثير من الأفكار حتى نعتاد على النظر دائما من زاوية مختلفة تماما عن تلك التي اعتدنا النظر من خلالها؛ ليكون هذا سببا لإيجاد الكثير من الأفكار التي بدورها تعتبر حلولا لمشاكل وإشكاليات نمر بها أو أخرى تحيط بنا.
وحتى نبدع لابد أن نتمرد على الواقع ونفكر بحرية؛ فالإبداع أشبه ببناء جسر يصل الخيال بالواقع.