الشتاء في أبها

تاريخ التعديل
سنتان 10 أشهر

شتاء شبه دائم، هذا ما عرفت به أبها إذ أن مناخها المعتدل والأقرب للبرودة أضاف لها شيئاً من الخصوصية في المنطقة. يستعد قرابة المليون نسمة لبرودة شتاءها، بما يتناسب مع متطلبات المناخ، ورائحة الشتاء التي تتعلق برائحة الحطب المشتعل والشاي المعتق.
هذه الصور الجميلة هي بعض ما يسعد أهل المنطقة بممارسته في فصل الشتاء، فتلتف التجمعات حول مصدر الدفء كغريزة جسدية تمارس بشكل دائم في الأجواء الباردة.
لسكان أبها عادات جرت وتجري في المناخ البارد، مثل المأكولات المتعارف عليها لدى أهل المنطقة، هذه الأغذية ابتكرت لتساعد إنسان المكان على تحمل المناخ الصعب وعلى ما ينتجه هذا المناخ من محاصيل تكثر فيه. 
فالدقيق والحليب اللذان هما مكونان أساسيان لأغلب هذه المكونات يضيفان للشخص الشبع والدفء.
وهذا المطلب الغريزي يتناسب مع أجواء المكان، كما تملك أبها تاريخا عريقا، بفعل المناخ والمكان، فالبرد والمطر والسيل والمحاصيل، لم تفارق مفردات شعراء المنطقة فيحاكوا في قصائدهم المطر والجبل.
هذه الصور والمفردات تجلي لنا من سكن المكان، فيذكرنا الشتاء بهذه الصور التاريخية للمنطقة، الشاهدة ولتحتفظ بالدفء بين أحجارها وسقفها الحصير.
وبين كل أشكال التأقلم، فهدوء الهواء ووشاح الضباب الذي يغطي مبانيها وشوارعها، ذاك الضباب الذي التصق كرمز للمنطقة فاتسمت به، إذ يبدو كما يصفه سركون في قصيدته النثرية «ينبعث الضباب من البحر، مثل ستارة عند المساء، يغلف التلال القريبة، وينفتل فوق السقوف». 
أعود متأملا السكون، البرد الذي يلف المنطقة التي تحتضن ساكنيها بهدوء  لتجد كل مكان فيها يملي عليك التأمل والجلوس، هذه الجماليات تتجلى للناظر بسكينة أبها وجمال مناخها، في برد شتاءها الساكن واعتدال صيفها الباهي، فهي باقية بتاريخها مثل بقائها بذاكرة كل من زارها، برائحة القهوة العربية التي تجعل شاربها يواجه برد هواها، هذه النكهة التي تعيد ذاكرتك عابرة تخوم المسافة لأرض بُنيت على جبال ترى أشجارها يغطيها الغيم كأنما نبتت على سقف السماء.
هذا الشتاء حينما تصفه كأنما تصف حياة لا تعرف نهاية لها لتقف على جمالياته.