الفاقد التعليمي أثناء جائحة كورونا: التشخيص والعلاج
يعد الفاقد التربوي من أخطر المشكلات التي تهدد أمن وتطور المجتمعات، وهذه الظاهرة لا يكاد يخلو منها مجتمع من المجتمعات المعاصرة، فطبقًا للإحصائيات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" بلغ عدد الطلاب الذين اضطرتهم "كورونا" إلى الانقطاع عن مدارسهم بليون و344 مليون و914 ألف طالب وطالبة في 138 دولة حول العالم بنسبة 82.25% من الطلاب المقيدين في المدارس، منهم نحو 83 مليون طالب في الدول العربية، ولقد تفاقمت المشكلة أكثر بسبب تنوع الأنظمة التعليمية والإجراءات التربوية المرافقة لها.
والفاقد في منظومة التعليم، أو ما يطلق عليه التسرب أو الهدر التربوي، هو كل ما يترتب عليه ضياع في المال أو الوقت أو الجهد المبذول في منظومة التعليم دون تحقيق النتائج المرجوة منه، نتيجة عدم انتظام الطلاب في المدارس والجامعات، كذلك عدم القدرة على النجاح، أو التسرب من التعليم، فكلا الأمرين نتيجتهما إهدار الموارد المادية والبشرية التي يتم إنفاقها في المجال التعليمي، وقد يكون الفاقد بسبب الانقطاع عن الدراسة أو بسبب تراجع مستوى جودة التعليم عن بعد، ويقدر الفاقد التعليمي عادةً بالفرق الناتج عن المقارنة بين ما اكتسبه الطلاب خلال الجائحة وبين ما اكتسبه أقرانهم فعلاً في سنوات سابقة، بتحليل كم كبير من البيانات المختزنة لعدة سنوات على منصات متخصصة بالتقويم.
ويتوقع أن يكون لهذا الفاقد آثار اجتماعية واقتصادية وصحية خطيرة في المستقبل أهمها: عدم التوازن في سوق العمل ومخرجات التعليم في المجتمع، مما يؤدي إلى البطالة بأشكالها المختلفة وعدم الكفاءة البشرية، وارتفاع نسب الرسوب في العملية التعليمية، وذلك ما لم يتم استدراك الفاقد التعليمي، ولذلك أقرت الدول بعض السياسات التعليمية العامة لاستدراكه، وصعدت قضيته لأعلى المستويات، ورصدت ميزانيات ضخمة، واستقطبت خبراء لتحديد الاستراتيجيات المناسبة لتعويض الفاقد؛ ومن أبرزها سرعة العودة للتعليم المباشر وجهاً لوجه أو المدمج، وإعادة تحديد أولويات محتوى المنهج الدراسي، والتقويم التشخيصي والبديل، والتدريس المساند، أخيراً يجب أن يكون الاستدراك عبر خطة إجرائية لعدة سنوات، والسعي نحو الاستثمار في الحلول الرقمية، وتكثيف برامج التطوير المهني للمعلمين، والاعتماد على نظم تحليل البيانات الذكية في التعامل مع البيانات المرتبطة بمستويات الطلاب.