المطار الكبير
المغادرون القادمون كلمات دائما نسمعها في المطار؛ ولكن هل تبادر إلى أذهاننا المغادرون من دائرة العمل أو الصداقة أو الحي أو البيت، حتى المغادرون من قلوبنا، نحن بطبيعتنا شعب متدين يحب الوفاء يكره الكذب، يصلي يصوم، يهلل يكبر، يدعوا ربه في حال الحاجه، ويشكره في حال النعم، يناضل من أجل قضايا الإسلام، نحن أشبه ما نكون في مطار كبير نستقبل بترحاب القادمين ونفارق بحزن المغادرين.
ولكن الغريب في الموضوع أننا لا نفكر ولا نريد أن نفكر أننا يوما ما سنكون المغادرين أو القادمين، سنكون المغادرين من قلوب أحبابنا إن لم نكن نستحقها وسنفقد أصدقاءنا إن لم نصدقهم، سوف نكون القادمين لحياة أشخاص آخرين في أعمالهم، مثلا لماذا لا نكون القادمين بالحب لهم، سوف نكون القادمين إلى الحي الجديد لماذا لا نحسن الجيرة، وأخيرا سوف نكون المغادرين من الحياه يوما ما.
حينما تفكر أنك ستكون أنت المغادر سوف تعطي كل ما تستطيع ليكون وداعك في رحيلك أكثر حراره، وسوف تكون أكثر حرصا على اختيارك لمن سيكون في استقبالك في الرحلة التالية، نحن في رحلات مكوكية يومية بطيئة جدا.
لا نحتاج في المثالية ولا الكذب الاجتماعي، نحن بحاجة إلى أن نبني لأنفسنا جبلا من الذكريات الطيبة.
ذكرى طيبة لأنها هي التي سيخلدها معارفنا عندما نذهب إلى المطار حاملين حقائبنا ومغادرين، لم نظلم أحدا وأننا قدمنا لكل من حولنا كل ما نستطيع، حينها سيستقبلنا فريق الملاحة قائلين «مبروك لقد ربح البيع».