جودة الحياة الوظيفية وأخلاقيات العمل

باحثة ماجستير بقسم القيادة والسياسات التربوية
تاريخ التعديل
دقيقة 1

تواجه المنظمات في العصر الحديث تحديات مستمرة نتيجة لمختلف التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، ومع تزايد الضغط على الموارد البشرية التي تعتبر القلب النابض للمنظمة؛ بأصبح الاهتمام بجودة الحياة الوظيفية أساسياً لضمان نجاحها، وقد بدأ الاهتمام بمفهوم جودة الحياة الوظيفية في أواخر الستينات ليركز على تحسين بيئة العمل وصحة الموظفين ومنذ ذلك الحين توسعت الدراسات لتشمل تأثيرها على الرضا الوظيفي والأداء المؤسسي، حيث توصلت الدراسات إلى أن جودة الحياة الوظيفية تسهم في تحسين بيئة العمل وزيادة رضا الموظفين وأدائهم، كما تساهم بشكل كبير في تعزيز التزام الموظفين ورغبتهم في تحقيق الأهداف المؤسسية، وهو مايستدعي من الإدارة تلبية احتياجات الموظفين بشكل شامل من خلال توفير بيئة عمل مريحة وداعمة، إذ أن توفير مثل هذه البيئة يعد أحد العوامل الأساسية التي تسهم في تحفيز الموظفين وزيادة إنتاجيتهم، فعندما يشعر الموظفون بالدعم والاهتمام من قبل الإدارة؛ فإنهم يظهرون مستويات أعلى من الالتزام والمسؤولية تجاه مهامهم وأهداف المنظمة، مما يعزز الأداء العام ويضمن استمرارية التنافسية.

في الوقت نفسه، لا يعتمد تقدم المجتمعات فقط على التطور التكنولوجي والإمكانات المادية، بل أيضاً على التمسك بأخلاقيات العمل والسلوكيات الوظيفية السليمة، فمدى تمسك الموظف العام بالأخلاقيات المهنية يرتبط مباشرة بجودة الخدمات المقدمة والبيئة التي يمارس فيها عمله.

وتعد أخلاقيات العمل حجر الزاوية في استقرار ونجاح المجتمعات والمؤسسات، فهي لا توفر فقط إطارا سلوكيا يوجه العلاقات بين الأفراد، بل تسهم أيضا في تعزيز فعالية المنظمات واستقرارها، كما أنه من خلالها يمكن تعزيز السمعة التنظيمية للمنظمات وبناء صورة إيجابية لها لدى المستفيدين وذوي العلاقة.

وقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود علاقة طردية بين المنظمات التي تلتزم بجودة الحياة الوظيفية والتزام الأفراد داخل تلك المنظمات بأخلاقيات العمل، وهو مايتطلب من المنظمات في مختلف مجالاتها وتخصصاتها أن تعمل على تبني جودة الحياة الوظيفية وجعلها أحد الأهداف الرئيسية التي تسعى إلى تحقيقها مما يسهم بدوره في تعزيز التزام الموظفين بأخلاقيات العمل، ورفع الكفاءة والإنتاجية لديهم، وتجويد أدائهم وهو ماسيؤدي إلى تحقيق أهداف المنظمة بشكل شمولي ومتقن.