شغف ليلة تتحقق فيها الأمنيات
دخلت غرفة جدتي ليلا وهي في سبات عميق؛ أخذت ساعتها الرملية المتهالكة من صندوقها الذهبي، جعلتها على طاولة غرفتي وجلست أتأمل بشوق سرعان ما مضي الوقت في هذه الليلة، والتي تمنيت فيما بعد أني لم آخذها؛ لأنها بطئت الوقت أكثر، وكادت الليلة أن تصبح دهرا.
فتركتها ونظرت إلى ساعة الحائط فوجدت عقاربها تشير على الحادية عشرة والنصف، فتقلبت يمنة ويسرة لعل الوقت يمضي، وفعلت ما بوسعي أن أفعله لأجعل هرمونات الوقت أكثر نشاطا وأكثر فرزا لثواني ودقائق هذه الساعة العجفاء الملتصقة بحائط متألم من قسوة المسامير التي علقوا عليه اللوحات الخشبية. وما دفعني لفعل مثل هذا إلا شغف ليلة وأي ليلة هي؟!
إنها ليلة تحقق احدى الأمنيات، ليلة أول يوم جامعي لي، ها هي الساعة قد أشرفت على السادسة والنصف صباحا ولم تعد عجفاء كما قد كانت من قبل. تهيأت فلبست ملابس العيد؛ لأنه يوم عيد بالنسبة لي، ورميت كسرة من «العود الهندي» على جمرة البخور وتعطرت برائحته الزاكية.
وبعدما فككت من الزحام، وقصرت المسافات، رأيت نفسي بهو الجامعة، فأحاطتني المشاعر من كل حدب وصوب، من هنا خوف وقلق ومن هناك حب وثبات، فرفعت بصري إلى السماء وقلت لنفسي لابد أن أداعب هذه الغيوم، وأستقي من كل قطرة من قطراتها، كمثل ما سأنهل من فنون العلم في هذا الصرح العلمي الشامخ ما يساعدني للارتقاء نحو هذه الغيوم لتشرق الشمس بعد انقشاع تلك الغيوم مضيئة في وضح النهار.
فالحياة العلمية كالشمس اذا أشرقت بنور يمحي الظلام وتبعاته، وعلينا ان نتمسك بالنور العلمي، بخوض معركة معرفية علمية من أجل الدفاع عن طموحاتنا وآمالنا، وذلك بحشد القدرات وتوجيها في الاتجاه الصحيح، لإيجاد ضيء لنا ويحيط بنا ونحن متربعون على عرش الإنجازات والنجاحات الخالدة، فلنمسك الأمور من زمامها ولنستعد لخوض هذه المعركة المعرفية التي ستقودنا إلى العليا.