طالب.. ومن ثم ماذا؟!
كنت مستلقيا على ظهري متصفحا أحد برامج التواصل الاجتماعي، فاذا برسالة من جامعتي الموقرة لم ألق لها بالا؛ لأنها لا تخصني على وجه التحديد.
ثم مضيت فيما أنا فيه حتى أتى يوم الغد، فذهبت لجامعتي في الصباح الباكر كما هو معتاد فإذا بأشخاص يحملون كومة أكياس ذات ألوان زرقاء مخضرة، فلم أهتم لهذا الأمر وجعلت أهرول مسرعا إلى محاضرتي التي على وشك أن تبدأ بعد عدة ثوان، فإذا بدكتورنا الكيميائي يغرق في الشرح ثم يخرج عن مسار الدرس، فيتحدث عن كيفية إجراء بحث في موضوع هو بعيد عنا كل البعد، ثم خرجت من المحاضرة بعد الانتهاء منها متوجها إلى محاضرة أخرى وفجأة شد انتباهي أحد المارة الذين يلبسون ملابس جذابة وملفتة للنظر، فمكثت عن بعد متأملا إياه فرآني ثم ابتسم في وجهي قائلا «الله يعينك باقي مطول» فتبسمت في وجهه، ثم دخلت القاعة منتظرا أستاذ المادة.
فقلت في نفسي: ما الخطب وما الأمر؟! وما هذه الإرهاصات كلها؟ استغرقت في التفكير كثيرا؛ ثم عدت إلى الرسالة فوجدتها دعوة كريمة لحضور حفل تخريج الدفعة العشرين من طلاب الجامعة لهذا العام، وإذا بكومة الأكياس الزرقاء التي كان يحملها الطلبة عبارة عن عباءات التخرج ووشاح التخرج، وإذا بالدكتور وقتها يتحدث عن آلية كتابة بحث التخرج بأدواته العلمية ومهاراته الفنية، وإذا بالطالب صاحب الملابس الجذابة هو أحد خريجي هذا العام.
فعزمت على الحضور وفعلا حدث ذلك، فرأيت جمعا غفيرا من شتى أطياف المجتمع من الآباء والأمهات والشباب والأطفال وكذلك رجال الأمن وكبار الأساتذة وأخيرهم وهو أولهم أمير منطقتنا الغالية.
فقلت: أهؤلاء جاؤوا كلهم من أجل الطالب؟ فماذا قدم الطالب لهم إذاً ؟ إنهم علموا أن ما جاؤوا لأجله هو قائد الغد وأمل الأمة المشرق، فأدركني شعور عجيب كأنه يقول لي: يجب عليك ألّا تصل إلى هذا اليوم، إلا وقد أعددت له كامل العدة وتحصنت بحصن منيع من العلم والمعرفة؛ لتساهم وتسعى في تحقيق رؤية بلادك الغالية التي ستحقق للوطن والمواطن كل ما يتمناه، وأن تكون رجلا ذا يد بناءة؛ تبني كل ما يهدمه المغرضون وتصلح كل ما يفسده المفسدون.