غياب الدراسات السوسيولوجية الفنية
منذ شيوع الإنترنت قبل أكثر من عشرين عاما في مجتمعاتنا العربية، تصاعدت النعرات والطروحات العنصرية، وتعالت خطابات (الهويات الضيقة)، ويمكن محليا الإشارة إلى ما يعرف بـ (الشيلات) التي يتغنى الكثير منها بالعشائرية.
وفي ظل كل هذه المتغيرات العميقة التي احتقن بها المجتمع لم نلاحظ وجود أي دراسات اجتماعية علمية سوسيولوجية لأساتذة الجامعات المتخصّصين في علم الاجتماع (دراسات تخص ما أصاب البنية المجتمعيّة، بحوث تتّصل بتحديد الفئات التي تحمّلت فعـلا آثار الخطابات العنصرية، مواقف الطبقات الاجتماعيّة المختلفة ممّا يجري ومساهمتها فيه… إلخ) ولا أطروحات نقدية تحلل الواقع وتفتح آفاقا للمستقبل من قبل المتخصصين في الفلسفة، بل ما نعاينه هو بقاء الخطابات العنصرية وتناميها، أو الانخراط في تأجيج الصراع العرقي والطائفي.
القضايا السوسيولوجية أصبحت منذ فترة نصب اهتمام مراكز البحوث العلمية في جامعات الغرب، بل نشأت أقسام خاصة تحت مسميات ( علم اجتماع الواقع الافتراضي) وما شابه ذلك.
أي أن البحث العلمي واكب كل المتغيرات الاجتماعية التي تعين صانع القرار، ناهيك عن الحضور القوي لعلم النفس، والطب النفسي،
فيما ظلت مجتمعاتنا العربية فقط تتفرج، مكتفية بمقالات انشائية عابرة، وندوة هنا، أو محاضرة هناك، ومعظمها يقوم على اجتهادات وجهود فردية، لا يمكن أن تؤسس لمشاريع واستراتيجيات قومية ووطنية عميقة الأثر وبعيدة المدى.
في مجتمعاتنا العربية اليوم أصبحنا نحتاج إلى جيش كبير من المفكرين والباحثين، لمناقشة وبحث الأثر الذي خلفته شبكة الانترنت والهواتف الذكية في وعينا وأنماط تفكيرنا، وكثير من تلك القضايا الناجمة عنها، وما خلفته من تأثير في الأوضاع الاجتماعية.