فقط.. أحسنوا الاختيار
مع كل ولادة صبح جديد يضاف لنا يوم في الحياة، ونُمنح بذلك الإشراق نعمة البقاء، وبالتالي وجب علينا شكر تلك النعمة بالنمو والاستمرار صعودا نحو الأفضل. جروح الماضي مخاوف الغد، عقبات لابد أن نتخطاها، فهذا فجر جديد قادم من حقِه أن نعطيه كامل الفرصة بصدر رحب وبرغبة جامحة في قضائه كما نحب، كل فجر هو نهاية للأمس وبداية لليوم. فلِم نخنقه بتلك السلسلة الوهمية التي هي من صنعنا نحن.
لا ضير في أن نحمل القليل من لحظات ذكرى مؤلمة فنحن بشر ونملك في أدمغتنا جزءا مخصصا للذكريات، ولكن يجب علينا عدم الغوص في هذه الذكريات حتى لا نفوت على أنفسنا صنع غيرها ومشاركة تلك الخلجات مع من لا يفهمها، فتفسد لحظاتنا هذه بتلك وبخلق مشكلة جديدة بدلا من حل مشكلة قديمة؛ فالعلاقات أشبه بسلة الفاكهة كلها محببة إلينا لكن الاختيار والانتقاء واجب، فلكل صنف نكهة ومذاق وفصل معين، كذلك الأصدقاء والمقربون.
هناك أشخاص بارعون في امتصاص غضبنا؛ يتفانون في رسم ابتسامتنا. وآخرون مبدعون في جعلنا نحلق في سماء وردية لا تعرف الغيوم. وآخرون يجيدون الاستماع وهم قادرون على تغييرنا.
لكن الأجمل من ذلك كله هو أن تعرف من تجتمع فيه كل هذه الصفات حينها أنت محظوظ ضعف حظوظ أهل الأرض؛ لأنك ستهرع إليه دوماً بجميع حالاتك دون أن تكون مكترثا أو خائفا أو متحفظا، سيفهمك سيعطيك ما تحتاج وما تريد وأكثر، ستغادره وأنت في أفضل حالاتك، تعلو وجهك علامات الرضاء، أحيانا قد لا تتكلم ولا تبوح لهم ولا تنبس ببنت شفة؛ لكن رؤيتهم بحد ذاتها هي مضاد حيوي لكل مشاعرك العاطفية والمزاجية.
ففي محيط معارفنا نحن نمتلك مزيجا رائعا من الأشخاص، لكل منهم اختصاصه الذي يبدع فيه. فقط أحسنوا الاختيار، ركزوا دون تسرع، فالعمر ثمين لا تضيعوه بسوء تصرف.