مرثية «عطر تربتك»
تأجج فؤاد الجندي الشجاع بعد أن نادى المنادي للحرب فجلجل، وشمر السواعد وهمس لسلاحه: هيا خليلي، حلق في سماء الوطن، واصرخ بصوت للشهادة يبتغيها ليس بحقها مماطل. لم تثنه صبابة ولم يلهه ولده.
ذهب مودعا على الجبهة يحمي البلاد ويصونها. يسامر النجوم ويسأل: كيف الأهل يا ليلي؟ وكيف الأم التي تكاد تبكي؟ نحن سنخبرك كم مرة عدت يا عمي فكأنما شربنا بعد الظمأ من النهر! واليوم صليت الفجر قبل التوديع؛ لأن الصبح قد أشرق من عينيك، تنام في دعواتنا آمنا كالطير، حتى نزف دمك، وأصبحت شهيدا حيا، والعدو هو الحي الصريع.
خلفت اليتامى وهم في عيش رغيد، وذهبت مؤمنا موحدا وكنت تعلم بأن العمر سيذهب سريعا، وأن القبر عليك سيكون وسيعا.
والفردوس دار تطأها وأنت شفيعا. والقمر تهلل في وجه روحك فخرا، والشمس بردت لك رحمة فتغيب الورود لغربتك وعطر تربتك يواسيها. طبت شهيدنا وطابت جنتك التي أنت فيها.