مقايضة التعليم.. «أعطني وأعطيك»!
ليس غريبا، كونك أستاذا جامعيا، أن تسمع جملة «عليه درجات؟» مرارا وتكرارا عند تكليف الطالب بأدنى عمل خلال دراسته للمقرر؛ وكأن الموضوع مسألة أخذ وعطاء، وأن غاية التعليم تنحصر فقط في الجمع وليس التأسيس والبناء.
انتشار هذه الفكرة عند الطلاب مشكلة حقيقية لا يلام عليها الطالب فقط؛ وإنما أيضا للأستاذ دور في هذا الموضوع؛ فبعضهم للأسف هم من رسخوا في أذهان الطلاب هذه المقايضة الهادمة التي تقضي على معايير التقييم؛ ليصبح المعيار الأهم هو موعد التسليم واستيفاء الشروط، متغاضيا عن زاوية الطالب في حل هذا التكليف وطريقة تفكيره أو حتى محاولاته في البحث عن الحل الصحيح.
أيضا المؤسسة التعليمية تتحمل جزءا من هذه المسؤولية، فبعض المؤسسات تحبط من عزيمة عضو هيئة التدريس في التغيير في عملية التعليم، فنجد أنهم يعاقبون بدلا من أن يثابوا، خاصة عندما يصطدم الأستاذ بقائد يجهل دور هذا التغيير لصالح الطالب، بالإضافة إلى أن بعض المؤسسات التعليمية، مع بعض الاستثناءات، وسيلتها الوحيدة لاكتشاف مقدار التعلم هو إتمام الطالب للمقرارات الدراسية المطلوبة واجتياز الامتحان حتى وإن كان اجتيازهم له دون اكتسابهم للمهارات والمعرفة اللازمة.
على أية حال، سوف نفترض أن هذه المعايير تؤخذ بالاعتبار عند بعض الأساتذة في بعض المؤسسات التعليمية؛ إلا أن تردي مستوى التعليم ووصوله لهذه المرحلة، مشكلة تبني لنا طالبا فارغ من المحتوى ليس لديه الشجاعة للمحاولة والخطأ حتى وإن كان هذا سيوصله لهدفه. إن فشل تقييم الطالب ووضعه في مسار قدراته الخاصة ورفع سقف التوقعات والإتقان من أول مرة، مشكلة لن تخلق لنا جيلا جريئا صانعا ومُبدعا لدية حافز التعديل ليتعلم من أخطائه، فإعطاء تكاليف محددة ومقننة لن تجعل من التعليم قيمة؛ وإنما تصنع طالبا ناسخا وناقلا.
ورفض حل التكليف بطريقة مختلفة لن تجعل الطالب منضبطا؛ وإنما تجعله ذا رؤية ضيقة الآفاق حرم من لذة الإشباع المعرفي والمهاري على يد أستاذه، فلا معنى للبحث عن المعلومة والطالب لا يحسن التفكير ولا يقدر على إبداء الرأي.