البعد الخامس للحداثة

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
سنة واحدة 9 أشهر

لقد انتابني شعور جميل بالإعجاب الفكري والفضول المعرفي وأنا أقرأ باستمتاع كبير  رواية  " الأب والجريدة " التي  نشرها الكاتب البرازيلي الشهير "باولو كويلوا " في كتابه الذي يحمل عنوان " كالنهر الجاري" في عام 2006م والذي ترجم الى 80لغة  وفاقت مبيعاته 100مليون نسخة, أكد فيها أنه من خلال العمل على بناء وعي الإنسان نستطيع أن نبني مستقبلا أفضل للمجتمع, فهو يبين في مختلف أجزاء هذه القصة الروائية أن الإنسان الواعي هو الدعامة البارزة والركيزة الأساسية للتطور والنماء في مختلف المجالات الحياتية لجماهير الناس في مختلف بقاع العالم, وأن الاستثمار في بناءه بالشكل السليم يعتبر أولوية هامة وضرورية للتخطيط الاستراتيجي التنموي والحضاري للأمم والشعوب وخاصة مع التطورات والتحولات الاجتماعية  السريعة والمذهلة التي تشهدها  البشرية في عصرنا الحديث الراهن وفي ظل الفجوة المعرفية التي رسخت ثقافة الاختلاف في المجتمعات. 

وفي هذا الإطار المعرفي فإننا نجد أن التعليم الحديث القائم على أسس علمية منهجية وفلسفة تطبيقية تتماشى مع سوق العمل أصبح يساهم بشكل كبير وفعال في رسم معالم المستقبل المزدهر والواعد للإنسان في المجتمع  في سياق البعد الخامس للحداثة المتمثل في الفعل الوظيفي المحرك لطاقاته في العمل والابتكار الابداعي في مختلف أشكاله وأنواعه والذي من شأنه مواكبة تطورات ما بعد الحداثة والتي اعتبرها رائد المدرسة الوظيفية في الفكر الانساني عالم الاجتماع الأمريكي "روبرت مرتون " أساسا جوهريا للتوازن الاجتماعي الذي يحمي المجتمعات الانتقالية النامية من مختلف الآفات والأزمات التي تعطل ديناميكية التغيير والتقدم الحضاري فيها وتؤدي بها الى متاهات الفساد وفوضى القيم والأفكار وتجعلها عرضة لرياح التخلف والرداءة.

وعلى هذا الأساس فان هذا البعد الخامس للحداثة الذي يتشكل من خلال بناء وعي الانسان المتجدد عبر التعليم المؤسس على القيم الحركية والوظيفية التي تتوافق مع سوق العمل هو الأداة الفعالة التي نستطيع من خلال استخدامها بالشكل الصحيح أن نحقق النجاح والتميز لمشروعات التنمية والنهضة الحضارية في مجتمعاتنا.