التفكير النقدي

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
6 سنوات 6 أشهر

لقد أصبحنا في ظل التحولات الفكرية والثقافية الراهنة وهيمنة القيم المادية النفعية على سلوكياتنا الاجتماعية، نفتقد إلى التفكير النقدي في التعامل مع مشاكلنا وقضايانا المصيرية، حتى تفشت في أوساطنا ظاهرة الجمود في الفعل الثقافي والحضاري، وصرنا نستهلك أكثر مما ننتج. وتراجعت بذلك حركة التطور والنماء في مختلف المجالات الحيوية من حياتنا. 
يعتبر التفكير النقدي محرك عجلة التنمية إلى الأمام. ويعتقد الباحثون في أنثروبولوجيا الثقافات والحضارات أن سقوطها واضمحلالها يحدث على مر العصور نتيجة للجمود والتقوقع الذي يعتري العملية النقدية بداخلها. وهذا ما يؤكده المؤرخ البريطاني «آرنولد توينبي» عندما قال: إن الأمم لا تمرض بل تنتحر وتسقط حينما لا تتقبل النخب المسيطرة والمسؤولة النَّقد، فتدخل في متاهات صراع دائم يُكبِّلها ويعجزها عن ابتكار حلول لمشاكلها وأزماتها. 
لكي نتعامل بشكل فعال وسليم مع واقعنا بمختلف تجلياته وتعقيداته ونستطيع ضبط مساراته وتصحيح انحرافاته، ونتمكن من التحكم الراشد في تحديد اتجاهاته نحو المستقبل، يجب علينا أن نضع نصب أعيننا مقولة عالم الرياضيات والفيزيائي الفلكي الألماني «يوهانس كليبر»، «أنا أفضل النَّقد الحاد من شخص واحد ذكي على التأييد الأعمى للجماهير»، ونربي أنفسنا وشبابنا على تقبل النَّقد الموضوعي والبنَّاء بصدر رحب من كل شخص يوجهه لنا ولا نؤطر عقولنا في الخيارات الثنائية «هل أنت مع أو ضد» وإنما نُعوّدها على التفكير النقدي الإيجابي مع ربطه بالنسق الاجتماعي القيمي؛ لدعم حركة التقدم في مجتمعاتنا وفتح آفاق واسعة تؤسس لمنطلقات حاسمة تدفع بالفعل الحضاري داخل منظومتنا الفكرية والسلوكية، وتعمل على تأطيره بالمبادئ والمفاهيم العقلية الصحيحة التي تجعله يواكب مسار التنمية والريادة في التغيير والتطور بكل نجاح واقتدار سواء في الحاضر أو المستقبل.