القراءة في «بيكاسو وستاربكس»

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
6 سنوات 5 أشهر

لقد أصبحت القراءة في أوساطنا الاجتماعية المعاصرة تعاني كثيرا من حالات البعد والهجران، من جراء هيمنة وسائل الإعلام وتكنولوجيا الاتصال الحديثة بمختلف تطبيقاتها على واقعنا الراهن، مثل الألعاب الإلكترونية والكومبيوتر والهواتف المحمولة، والتي تستهدف في أبعادها التسلية والترفيه أكثر من التوعية والتنوير.
وفي هذا الإطار يقول الكاتب الإماراتي المميز «ياسر حارب» حول القراءة في مؤلف له يحمل عنوان «بيكاسو وستاربكس»: إن المجتمعات التي يتنافس أفرادها على شراء الكتب، لابد أن تتفوق على المجتمعات التي يتهافت الناس فيها على شراء الهواتف النقالة, وكما يروي أيضا في نفس الكتاب أنه كان في العاصمة البريطانية، لندن، عندما صدرت أحد أجزاء سلسلة روايات «هاري بوتر» التي ذاع صيتها في مختلف بقاع العالم، للكاتبة البريطانية الشهيرة «جوان رولينغ» وتعجب من الجماهير الغفيرة التي كانت تفترش الأرصفة أمام المكتبات المنتشرة في قلب المدينة؛ وخاصة بمنطقة «بيكاديلي»، حيث كانوا ينتظرون بفارغ الصبر شراء النسخ الأولى من الرواية الجديدة من مكتبة تقع في تلك المنطقة، مما يبين شغف البريطانيين بالقراءة وحبهم الكبير لها.   
إن القراءة كما تبينه العديد من الدراسات؛ لها تأثير بالغ على تكوين شخصية الإنسان وبناء الثقة لديه وعلى ترويض فكره على النقد والتحليل وتنمية لغته ومهاراته الإبداعية. ونظرا لأهميتها المتنامية فقد أصبحت القراءة في زماننا المعاصر مجالا معرفيا، له قواعده وأساليبه المتطورة كالقراءة السريعة والقراءة التصويرية المتمثلة في قراءة صفحة وتغطية الصفحة المقابلة لها، واللتان أصبحتا علما يدرس في الجامعات ومراكز التدريب في العالم؛ لما لها من دور فعّال في اختصار الوقت ودرجة الاستيعاب والفهم.
ولاسترجاع مكانة القراءة التي فقدت الكثير من مكانتها في مجتمعاتنا، يجب أن نهتم بها أكثر، ونتعرف على مختلف أساليبها ونحث الأجيال الصاعدة، على تعلمها وممارستها وعدم الإفراط في استهلاك الترفيه عبر وسائل الإعلام والاتصال المختلفة ونسعى إلى توفير الكثير من المكتبات التي تضم أعدادا كبيرة من المؤلفات في كل المجالات، تتوافق مع ميول الناس القرائية، وكذلك العمل على إقحام القراءة كركيزة أساسية ضمن المخططات الاستراتيجية للتعليم والثقافة؛ لبناء أمتنا حتى تواكب عجلة التقدم والتطور، ولا تفقد هويتها الثقافية والحضارية.