لقد أثار انتباهي وأنا أشارك مؤخرا في مؤتمر علمي حول دور البحث العلمي في تطور المجتمعات، تداول مفهوم المعرفة لدى العديد من الباحثين، الذين أشاروا في مداخلاتهم الى أهميته البالغة في تكوين مجتمعات العولمة والإنترنت وأنه المحرك الأساسي لتقدم الأمم والشعوب في مختلف المجالات الحياتية.
وفي هذا الإطار يقول الكاتب الإماراتي المميز «ياسر حارب» في مؤلف له يحمل عنوان «بيكاسو وستاربكس» إن المجتمعات التي يتنافس علماؤها على إنتاج المعرفة، وأفرادها على شراء الكتب لابد أن تتفوق على المجتمعات التي يتهافت الناس فيها على شراء الهواتف النقالة، فهي الأساس الجوهري لبناء الثقة لديهم ولترويض فكرهم على النقد والتحليل وتنمية مهاراتهم الإبداعية.
ونظرا للأهمية المتنامية لتأثيرات المعرفة على حاضر ومستقبل الشعوب؛ فقد أصبحت في زماننا المعاصر هي المفتاح السحري للولوج إلى عالم ما بعد الحداثة واكتساب المبادرات في دفع عجلة التطور إلى الأمام في الدول والأوطان.
فهذه المجتمعات مثلما يشير إليه المفكر الاقتصادي الأمريكي «بيتر دروكر» في كتابه «عصر الانقطاعات» The age Of Discontinuities، أن عمليات إنتاج المعرفة في أوساطها تعتمد على الإمكانات الفكرية التي يوفرها لها البحث العلمي، وليس على الموارد الطبيعية، وأنها تمثل الشرط الضروري لتأسيس التطور في جنباته ضمن عالم نعيش فيه تهيمن عليه التقنية ووسائل التكنولوجيا الحديثة وتدفع بالقيم المادية وغير المادية بداخله، مما يساعده على تحويل جزء من هذه المعرفة إلى الآلات عبر استخدام التقنية للحصول على منتجات فكرية وعقلية تجديدية.
وبالتالي فمن الضروري أن نهتم بالبحث العلمي وإنتاج المعرفة في مجتمعاتنا، من خلال تشجيع الباحثين على البحث في كل المجالات لتأسيس حراك بحثي نقدي إبداعي في جامعاتنا من شأنه أن يرسخ الوعي المعرفي في أوساط مجتمعاتنا.
تاريخ النشر
الاثنين 3 ربيع الأول 1440 on نوفمبر 12, 2018
تاريخ التعديل
5 سنوات 9 أشهر