صناعة المعلومات واقتصاد المعرفة

أستاذ مشارك بقسم الإعلام والاتصال
تاريخ التعديل
سنة واحدة 11 شهراً

يؤكد المفكر الاتصالي الفرنسي ( (Patrice flishy  في كتابه الذي يحمل عنوان "الأساليب الجديدة للاتصال"  أن صناعة المعلومات الاقتصادية واستخدامها عبر الطرق السريعة للاتصال تشكل حوالي ثلث النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة , وهذا يبين دور هذا القطاع المعرفي في التنمية المستدامة باعتباره لا يعتمد على الموارد الطبيعية والمادية بل على المعرفة والتقنية والخبرات المختلفة في شتى المجالات الحيوية للإنسان، فصناعة المعلومات الاقتصادية وترويجها أصبحت تشهد تطورا كبيرا في الاقتصاد الدولي بحيث بلغت قيمة السوق العالمية لمنتجات تقنيات المعلومات حسب بعض الدراسات الاقتصادية 600 بليون دولار سنويا.
ونظرا لأهمية هذا المجال في تحقيق التنمية وفق أبعادها المتعددة فقد توجهت مختلف الدول المتقدمة الى الاستثمار في المعلومة  للوصول الى بلورة أهدافها الاستراتيجية الاقتصادية بأكبر قدر من المنفعة والربح، والاستمرارية ، وبأقل تكلفة و أكثر محافظة على البيئة, مع العمل بصفة مركزة على تحديث اقتصادياتها ، وتنمية نشاطاتها وربطها بالمعرفة ونتائج البحوث والدراسات، من خلال ما يسمى "باقتصاد المعرفة " 
و ما يميز هذا الاقتصاد القائم على المعرفة أنه يعتمد على المعلومة الاقتصادية واستعمالها بشكل علمي ملائم وفعال يحقق نتائج جيدة تخدم التنمية في المجتمع، عكس الاعتماد فقط على المواد الأولية الأخرى كالنفط، الغاز، الفحم وغيرها..., والتي تتميز بالنفاذ مهما كانت كميتها، كما أنها ملوثة بشكل كبير للبيئة والمحيط، وعلى صحة الإنسان، في حين نجد أن المعلومات تتميز بالاستمرارية والبقاء، فالمعارف مهما تعدد مستعمليها ومستغليها لا تنضب، بل على العكس فإنها تنمو وتتجدد بالاستعمال والتدقيق والبحث والتداول، ولذلك نلاحظ أن أكثر من 50% من الطبقة العاملة في الدول المتقدمة تشتغل في قطاعات ذات علاقة بصناعة المعلومات بمختلف أنواعها وأشكالها، واستغلال التطور التقني في كيفيات تجميعها وتحليلها وتصنيفها واستثمارها وبيعها بأثمان باهظة للدول المتخلفة, وفي هذا الإطار يقول المفكر الأمريكي"Manuel Castells "في كتابه "العصر المعلوماتي: الاقتصاد والمجتمع والثقافة " إن المنافسة في الاقتصاد تكمن في القدرة على إنتاج المعرفة ومعالجة المعلومات.
وعلى هذا الأساس فإن ترسيخ مبادئ المنافسة والتنمية المستدامة في مجتمعاتنا يكمن في التوجه نحو التحرر من الارتباط بالمواد الطاقوية الباطنية كالنفط والغاز ، وزيادة الاهتمام ٱكثر بالمعلومة وبالاقتصاد القائم على المعرفة وإنتاج المعلومات بأحدث الوسائل التقنية المتطورة لنواكب تطورات عالم الاقتصاد الحديث.